القصة الثالثة: انفصالية

شعرتُ بيدٍ تعتصر كتفي.

ألتفتُ خلفي منتفضة لأرى صاحبها، كان رجلاً ضخماً ذا ندب مخيف.

سحب كرسياً ثم جلس بجواري على الطاولة.

-"مباركٌ على حجابكِ، ألهذا تركتي العمل وأختفيتِ؟"

-"المعذرة، من أنت؟"

ضحك ساخراً وهو ينظر لي شزراً.

-"هذا الدور لا يناسبك يا شوشو".

-"عما تتحدث؟ أنا لا أدعى شوشو و.."

-"إذاً من هذه؟"

قلب بهاتفه ثم آراني صورة لي. نعم، أنها أنا ولكن دُفِنَت ملامحي أسفل المساحيق البراقة والشعر المستعار الرخيص، وبدلة الرقص التي وشت بتفاصيل مفاتني.

-"هذه الصورة مزيفة، لستُ .."

-"ستنكرين عملك بصالتي؟ حسناً، إن أهتديتِ وتركتي الصاجات ونقطة الزبائن، فهذا حقك المشروع .. ولكن تلك السُلفة الضخمة التي أخذتها مني قبل اختفاءك، هى حقي أنا".

-"لا أفهم ما .."

-"دعيني أشرح لك بشكل أوضح" لم يبالي بكوننا بمقهى مزدحم بوضح النهار، وضع بيننا قارورة داكنة ليقول مهدداً:" أعيدي لي أموالي، أُبقي لكِ وجهك سليماً".

لا أعرف من هى شوشو التي تُطابق شكلي، ولِمَ يصر ذاك الرجل على أني راقصة أخذت أمواله ثم أختفت. ما أيقنه هو إنني إن لم أدفع له، سيشوه خلقتي بماء النار.

---

بطلة هذه القصة تعاني من (اضطراب الهوية الانفصالية – Dissociative Identity Disorder). يخلق مرضاه هويات مختلفة لأنفسهم ويمكنهم تبديل هوياتهم بدون سابق إنذار وقد يظلون عليها لساعات أو لسنوات طويلة ويمكنهم تبديل هوياتهم في أي وقت بلا إنذار ودون تذكر ماضيهم. من المستحيل إقناع مصابيه بأنهم يعانون من هذا الاضطراب لذا يُحجز معظمهم بالمؤسسات العقلية.

---

(انفصالية هى القصة الثالثة من سلسلة "سايكوفوبيا" وهى مجموعة ومضات خيالية قصيرة مستوحاة من اضطرابات عقلية حقيقية).

هذه القصص من ثمرة أفكار ميرنا المهدي. لا يسمح باستغلالها بأى شكل دون الحصول على موافقة كتابية منها ومن يخالف ذلك سيتعرض للمسائلة القانونية.